فصل: مسألة (373): إذا مات وعليه قضاء رمضان، فإنَّه يُطعَم عنه ولا يُصام، وإن كان عليه نذرٌ صام الولي.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسألة ‏(‏367‏)‏‏:‏ الحجامة تفطِّر الحاجم والمحجوم خلافًا لأكثرهم‏.‏

لنا‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

رواه بضعة عَشَر صحابيًّا، وأخذ به‏:‏ عليٌّ وابن عمر وأبو موسى وأبو هريرة وعائشة، إلا أنَّ كثر الأحاديث ضعافٌ، فنحن ننتخب منها‏:‏ 1773- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الرَّزَّاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السَّائب بن يزيد عن رافع بن خَدِيج عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

قال أحمد بن حنبل‏:‏ أصحُّ شيءٍ في هذا الباب حديث رافع بن خَدِيج‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث التِّرمذيُّ وأبو حاتم البستيُّ وأبو القاسم الطَّبرانيُّ والحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ من رواية عبد الرَّزَّاق عن مَعْمر‏.‏

وقال التِّرمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ‏.‏

وقال الحاكم‏:‏ صحيحٌ على شرط الشَّيخين، حكم له عليٌّ بن المدينيِّ بالصِّحة‏.‏

وفي قوله بعض النَّظر، فإنَّ ابنَ قارظ انفرد به مسلمٌ، وروى في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ عن إسحاق بن راهويه عن عبد الرَّزَّاق بإسناده حديثًا غير هذا‏.‏

وقال الإمام أحمد بن حنبل في هذا الحديث‏:‏ تفرَّد به مَعْمر‏.‏

وقد رواه الحاكم من حديث معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير بإسنادٍ صحيح، فلم يتفرَّد به مَعْمر إذًا‏.‏

وقال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ وهذا الحديث عندي باطلٌ‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ هو غير محفوظٍ‏.‏

وقال إسحاق بن منصور‏:‏ هو غلطٌ‏.‏

وقال يحيى بن معين‏:‏ هو أضعفها O‏.‏

1774- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَّثنا إسماعيل عن خالد الحذَّاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شدَّاد بن أوس أنَّه مرَّ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في زمن الفتح على رجلٍ يحتجم بالبقيع لثمان عشرة خلت من رمضان، فقال‏:‏ ‏"‏افطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ وروى هذا الحديث‏:‏ أبو داود والنسائيُ وابن ماجة وأبو القاسم الطَّبرانيُّ وأبو حاتم بن حِبَّان والحاكم في ‏"‏ المستدرك‏"‏‏.‏

وقال‏:‏ هو حديثٌ ظاهرٌ صحَّته‏.‏

وصحَّحه أيضًا أحمد بن حنبل وعليُّ بن المدينيِّ وإسحاق بن راهويه وعثمان بن سعيد الدَّارميُّ وأبو حاتم بن حِبَّان وغيرهم‏.‏

واستقصى النَّسائيُّ طرقه والاختلاف فيه في ‏"‏ السُّنن الكبير‏"‏‏.‏

وروى مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شدَّاد حديث‏:‏ ‏"‏إنَّ الله كتب الإحسان على كلِّ شيءٍ‏.‏

‏"‏‏.‏

وقد ضعَّف يحيى بن معين هذا الحديث، وقال‏:‏ هو حديثٌ مضطربٌ‏.‏

وقال الإمام أحمد لمَّا بلغه عن يحيى أنَّه قال‏:‏ ليس فيها حديث يثبت- يعني أحاديث‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم ‏"‏-‏:‏ هذا كلامٌ مجازفة‏!‏

وروى الميموني عن يحيى بن معين أنَّه قال‏:‏ أنا لا أقول إن هذه الأحاديث مضطربة‏.‏

فالله أعلم O‏.‏

1775- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا إسماعيل ثنا هشام الدَّستوائيُّ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى على رجلٍ يحتجم في رمضان فقال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ وقد روى حديث ثوبان أيضًا‏:‏ أبو داود وابن ماجة والنَّسائيُّ وأبو يعلى الموصليُّ والرُّويانيُّ والحاكم في ‏"‏ المستدرك‏"‏‏.‏

وقال‏:‏ حديثٌ صحيحٌ على شرط الشَّيخين ولم يخرجاه‏.‏

ورواه أبو حاتم البستيُّ أيضًا، وذكر النَّسائيُّ الاختلاف في طرقه، وصحَّحه أحمد وابن المدينيِّ والدَّارميُّ وغيرهم‏.‏

وقال ابن خزيمة ثبتت الأخبار عن النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

وقال إسحاق بن راهويه‏:‏ وقد ثبت هذا من خمسة أوجه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال بعض الحفَّاظ‏:‏ الحديث في هذا متواتر‏.‏

وليس ما قاله ببعيدٍ، ومن أراد معرفة ذلك فليطالع ما روي في ذلك في ‏"‏ مسند أحمد‏"‏، و ‏"‏ معجم الطَّبراني‏"‏، وكتاب النَّسائيُّ، و ‏"‏ المستدرك ‏"‏ للحاكم، و‏"‏ المستخرج ‏"‏ للحافظ أبي عبد الله المقدسيِّ، وغير ذلك من الأمهات، والله أعلم O‏.‏

1776- الحديث الرَّابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو الجواب ثنا عمَّار بن رُزيق عن عطاء بن السَّائب قال‏:‏ حدَّثني الحسن عن معقل بن سنان الأشجعيِّ أنَّه قال‏:‏ مرَّ عليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أحتجم في ثمان عشرة ليلة خلت من رمضان، فقال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ قال النَّسائيُّ‏:‏ ذكر الاختلاف على عطاء بن السائب فيه‏:‏ 1777- أخبرنا محمَّد بن بشَّار قال‏:‏ حدَّثني أبو داود ثنا سليمان بن معاذ عن عطاء بن السَّائب قال‏:‏ شهد عندي نفرٌ من أهل البصرة- منهم الحسن- عن معقل بن يسار أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يحتجم وهو صائم، فقال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

1778- أخبرنا يحيى بن موسى وأحمد بن حرب- واللفظ له- ثنا محمَّد بن فضيل عن عطاء قال‏:‏ شهد عندي نفرٌ من أهل البصرة- منهم الحسن ابن أبي الحسن- عن معقل بن سنان الأشجعيِّ أنَّه قال‏:‏ مرَّ عليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أحتجم في ثمان عشرة من رمضان فقال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

قال أبو عبد الرَّحمن النَّسائيُّ‏:‏ عطاء بن السَّائب كان قد اختلط، ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث عنه غير هذين، على اختلافهما عليه فيه‏.‏

كذا قال، وقد رواه احمد من طريق عمَّار بن رُزيق- كما تقدم- موافقًا لمحمَّد بن فضيل‏.‏

وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر‏:‏ كذا رواه عبَّاس الدُّوريُّ عن أحوص بن جَوَّابٍ عن عمَّار بن رُزيق عن عطاء، وقال‏:‏ ‏(‏ابن سنان‏)‏‏.‏

وقال عليُّ بن المدينيِّ‏:‏ رواه بعضهم عن عطاء بن السَّائب عن الحسن عن معقل بن سنان الأشجعيِّ‏.‏

ورواه بعضهم عن عطاء عن الحسن عن معقل بن يسار‏.‏

ورواه بعضهم عن الحسن عن أسامة‏.‏

ورواه بعضهم عن الحسن عن عليٍّ‏.‏

ورواه بعضهم عن الحسن عن أبي هريرة‏.‏

ورواه التيميُّ فأثبت روايتهم جميعًا، ‏[‏رواه‏]‏ عن الحسن ‏[‏عن‏]‏ غير واحدٍ من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وإن كان الحسن لم يسمع من عامَّة هؤلاء ولا لقيه عندنا، منهم‏:‏ ثوبان ومعقل بن سنان وأسامة وعليٌّ وأبو هريرة‏.‏

وفي كتاب ‏"‏ العلل ‏"‏ للتِّرمذيِّ‏:‏ قلت لمحمَّد بن إسماعيل‏:‏ حديث الحسن عن معقل بن يسار أصحُّ أو معقل بن سنان‏؟‏ فقال‏:‏ معقل بن يسار أصحُّ‏.‏

ولم يعرفه إلا من حديث عطاء بن السَّائب‏.‏

وقال البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ ويروى عن الحسن عن غير واحدٍ مرفوعًا‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

وقال لي عيَّاش‏:‏ ثنا عبد الأعلى ثنا يونس عن الحسن مثله، قيل له‏:‏ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

ثمَّ قال‏:‏ الله أعلم O‏.‏

1779- الحديث الخامس‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يحيى بن سعيدٍ عن أشعث عن الحسن عن أسامة بن زيدٍ عن النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمستحجم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث النَّسائيُّ فقال‏:‏

1780- أخبرنا أحمد بن عَبْدة- بصريٌّ- أنا سُليم- يعني‏:‏ ابن أخضر- ثنا أشعث عن الحسن عن أسامة بن زيدٍ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

وقال‏:‏ أشعث بن عبد الملك لم يتابعه أحدٌ علِمْناه على روايته O‏.‏

1781- الحديث السَّادس‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يزيد بن هارون أنا أبو العلاء عن قتادة عن شَهْر بن حَوْشَب عن بلال قال‏:‏ قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ أبو العلاء هو‏:‏ القصَّاب، الواسطيُّ، وهو ثقةٌ، واسمه‏:‏ أيُّوب ابن أبي مسكين- ويقال‏:‏ ابن مسكين-‏.‏

وقد روى هذا الحديث النَّسائيُّ وذكر الاختلاف فيه، فقال‏:‏ 1782- أخبرنا محمَّد بن عبد الله بن المبارك ثنا إسحاق الأزرق عن أيُّوب عن قتادة عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن شدَّاد بن أوسٍ قال‏:‏ خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثمان عشرة من رمضان، فأبصر رجلاً يحتجم، فقال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

قال النَّسائيُّ‏:‏ قتادة لا نعلمه سمع من أبي قلابة شيئًا، وقد رواه يزيد ابن هارون عن أبي العلاء عن قتادة عن شَهْر عن بلال‏.‏

1783- أخبرني زكريا بن يحيى أنا إسحاق أنا يزيد أنا أيُّوب عن قتادة عن شَهْر عن بلال عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

خالفه همَّام فرواه عن قتادة عن شَهْر عن ثوبان‏.‏

1784- أخبرنا محمَّد بن معمر- بصريٌّ- ثنا حَبَّان ثنا همَّام عن قتادة عن شَهْر عن ثوبان أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

قال أبو عبد الرَّحمن‏:‏ أدخل سعيد بن أبي عروبة بين شَهْر وثوبان‏:‏ عبد الرَّحمن بن غَنْم‏:‏ 1785- أخبرنا إسماعيل بن مسعود ثنا خالد عن سعيد عن قتادة عن شَهْر عن عبد الرَّحمن بن غَنْم عن ثوبان أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

خالفهم بُكير بن أبي السَّمِيط، فرواه عن قتادة عن سالم عن معدان عن ثوبان‏:‏ 1786- أخبرنا عُبيد الله بن سعيد حدثنا حَبَّان ثنا بُكير بن أبي السَّمِيط ثنا قتادة عن سالم عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

خالفهم الليث بن سعدٍ، فرواه عن قتادة عن الحسن عن ثوبان‏:‏ 1787- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ ثنا الليث عن قتادة عن الحسن عن ثوبان عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

قال النَّسائيُّ‏:‏ ما علمت أنَّ أحدًا تابع الليث ولا بُكير بن أبي السَّمِيط على روايتهما، والله أعلم‏.‏

ورواه عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن عليٍّ عن النَّبيِّ ‏"‏ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ 1788- أخبرنا الحسن بن إسحاق- مروزيٌّ- ثنا شاذ بن فيَّاض- بصريٌّ- عن عمر بن إبراهيم- بصريٌّ- عن قتادة عن الحسن عن عليٍّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

وقفه أبو العلاء‏:‏ 1789- أخبرني أبو بكر بن عليٍّ ثنا سريج ثنا محمَّد بن يزيد عن أبي العلاء عن قتادة عن الحسن عن عليٍّ قال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

ذكر الاختلاف على سعيد بن أبي عروبة فيه‏.‏

1790- أخبرني زكريا بن يحيى- سجستانيٌّ- ثنا عمرو بن عيسى ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن عليٍّ قال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

1791- أخبرني أبو بكر بن عليٍّ ثنا محمَّد بن المنهال ثنا يزيد بن زُريع ثنا ابن أبي عروبة عن مطر عن الحسن عن عليٍّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم ‏"‏ O‏.‏

1792- الحديث السَّابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا عليُّ بن عبد الله بن جعفر ثنا عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثَّقفيُّ ثنا يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم ‏"‏ ز‏:‏ الحسن لم يسمع من أبي هريرة على الصَّحيح‏.‏

وقد روى هذا الحديث النَّسائيٌّ وذكر الاختلاف فيه فقال‏:‏ روى هذا الحديث أبو حُرَّة عن الحسن، واختلف عليه فيه‏:‏ 1793- أخبرني زكريا بن يحيى ثنا عمرو بن عليٍّ ثنا عبد الرَّحمن ثنا أبو حُرَّة عن الحسن قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ عمن‏؟‏ قال‏:‏ عن غير واحدٍ من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقفه بشر بن السَّريِّ وأبو قطن‏:‏ 1794- أخبرني زكريا بن يحيى ثنا محمَّد بن منصور ثنا بشر بن السَّريِّ ثنا أبو حُرَّة قال‏:‏ أمرني مطر الورَّاق أن أسأل الحسن‏:‏ عمن روى هذا الحديث‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم ‏"‏‏؟‏ فسألته، فقال‏:‏ عن غير واحدٍ من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

1795- أخبرني أبو بكر بن عليٍّ ثنا سريج ثنا أبو قطن عن أبي حُرَّة قال‏:‏ قلت للحسن‏:‏ قولك‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم، عن من‏؟‏ قال‏:‏ عن غير واحدٍ من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

تابعه سليمان التَّيميُّ‏:‏ 1796- أخبرنا محمَّد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر عن أبيه عن الحسن عن غير واحدٍ من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

ذكر الاختلاف على يونس بن عبيد فيه‏:‏ 1797- أخبرنا محمَّد بن بشَّار ثنا عبد الوهَّاب عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة عن النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والحجوم‏"‏‏.‏

خالفه بشر بن المفضَّل‏:‏ 1798- أخبرني أبو بكر بن عليٍّ ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا بشر بن مفضَّل عن يونس عن الحسن قال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

- وقد تقدَّمت رواية عبد الأعلى عن يونس التي في البخاريِّ، ولم يذكرها النَّسائيُّ-‏.‏

ذكر اختلاف النَّاقلين لخبر أبي هريرة فيه‏:‏ قال النَّسائيُّ‏:‏ 1799- أخبرنا عمرو بن عليٍّ ومحمَّد بن عبد الأعلى قالا‏:‏ ثنا المعتمر عن أبيه عن أبي عمرو عن أبيه عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والحجوم‏"‏‏.‏

1800- أخبرنا أحمد بن فضالة النَّسائيُّ أنا أبو عاصم أنا ابن جريج عن صفوان بن سُليم عن أبي سعيدٍ- مولى بني عامرٍ- عن أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّ برجلٍ يحتجم في رمضان- صبيحة ثمان عشرة- فقال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

- كذا قال، وإنَّما هو‏:‏ ابن عامر بن كريز-‏.‏

قال النَّسائيُّ‏:‏ هذا حديثٌ منكرٌ، وإنِّي أحسب ابن جريج لم يسمعه من صفوان‏.‏

وقال أبو زرعة وأبو حاتم‏:‏ أسقط من الإسناد ‏(‏إبراهيم بن أبي يحيى‏)‏ بين ابن جريج وبين صفوان‏.‏

قال أبو زرعة‏:‏ لم يسمع ابن جريج من صفوان شيئًا‏.‏

1801- وقال النَّسائيُّ‏:‏ أخبرني أيُّوب بن موسى ثنا مُعمَّر بن سليمان ثنا عبد الله بن بشر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

وقد روى هذا الحديث‏:‏ ابنُ ماجة عن أيُّوب بن محمَّد الرَّقِّيِّ وداود بن رشيد عن مُعمَّر بن سليمان‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ وقفه إبراهيم‏.‏

1802- أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله النَّيسابوريُّ- مرجىءٌ- قال‏:‏ حدَّثني مُرَجَّى قال‏:‏ حدَّثني إبراهيم بن طَهْمان- هرويٌّ، مرجىءٌ- عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

1803- أخبرنا محمَّد بن حاتم أنا حِبَّان أنا عبد الله عن مُعمَّرٍ، وأخبرني زكريا بن يحيى ثنا الحسن بن عيسى أنا ابن المبارك أنا مُعَمَّرِ، عن خلادٍ عن شقيقِ بن ثورٍ عن أبيه عن أبي هريرة قال‏:‏ يقال أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

وأمَّا أنا فلو احتجمت ما باليتُ‏!‏ أبو هريرة يقول هذا‏.‏

اللفظ لزكريا‏.‏

ذكر الاختلاف على عطاء بن أبي رباح‏:‏ 1804- أخبرنا حفص بن عمر أنا أبو أحمد عن رباح بن أبي معروف عن عطاء عن أبي هريرة عن النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

1805- أخبرنا محمَّد بن إدريس ثنا محمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

تابعه داود بن عبد الرَّحمن‏:‏ 1806- أخبرني أبو بكر بن عليٍّ ثنا عبد الأعلى ثنا داود بن عبد الرَّحمن عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

وقفه عبد الرَّزَّاق والنَّضر بن شُميل‏:‏ 1807- أخبرنا سليمان بن سلمٍ البلخيُّ أنا النَّضر أنا ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة قال‏:‏ أفطر الحاجم والمستحجم‏.‏

- ورواه عن محمَّد بن يحيى بن عبد الله عن عبد الرَّزَّاق عن ابن جريجٍ كذلك-‏.‏

قال أبو عبد الرَّحمن النَّسائيُّ‏:‏ عطاء لم يسمعه من أبي هريرة‏.‏

1808- أخبرني إبراهيم بن الحسن عن حجَّاج عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة- ولم يسمعه منه- قال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

خالفه ابن أبي حسين، فرواه عن عطاء قال‏:‏ سمعت أبا هريرة‏:‏ 1809- أخبرنا الحسن بن إسحاق- مرويٌّ- ثنا محمَّد بن عبد الله الرَّقاشيُّ ثنا وهيبٌ عن ابن أبي حسين عن عطاء قال‏:‏ سمعت أبا هريرة يقول‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

قال أبو عبد الرَّحمن‏:‏ والصَّواب رواية حجَّاج عن ابن جريج لمتابعة عمرو بن دينار إياه على ذلك‏.‏

1810- أخبرني إبراهيم بن الحسن عن حجَّاج قال‏:‏ حدَّثني شعبة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن رجلٍ عن أبي هريرة قال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

ذكر الاختلاف على عبد الملك بن أبي سليمان فيه‏:‏ 1811- أخبرني محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد أنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة قال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

1812- أخبرنا محمَّد بن حاتم أنا حِبَّان أنا عبد الله عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة قال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

قال أبو عبد الرَّحمن‏:‏ خالفهما خالد بن عبد الله، فجعله من قول عطاءٍ‏:‏ 1813- أخبرني أبو بكر بن عليٍّ- مروزيٌّ- ثنا إسحاق ثنا خالد عن عبد الملك عن عطاء قال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم O‏.‏

1814- الحديث الثَّامن‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا أبو النَّضر ثنا أبو معاوية شيبان عن ليث عن عطاء عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ ليث هو‏:‏ ابن أبي سُليم، وقد تُكلِّم فيه، واختلف عليه في هذا الحديث، قال النَّسائيُّ‏:‏ 1815- أخبرنا سعيد بن يعقوب الطَّالقانيُّ ثنا خالدٌ عن ليثٍ عن عطاءٍ عن عائشة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

1815/أ- أخبرني أبو بكر بن عليٍّ ثنا خلف بن سالم ثنا أبو النضر أنا أبو معاوية عن ليث عن عطاء عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

وقفه الحسن بن موسى‏:‏ 1816- أخبرني إبراهيم بن يعقوب ثنا الحسن بن موسى ثنا شيبان عن ليثٍ عن عطاءٍ عن عائشة، قال‏:‏ وثنا شيبان عن ليث عن عبد الله بن عبيد بن عميرٍ عن عياض بن عروة عن عائشة، قالت‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

وافقه عبد الواحد بن زياد‏:‏ 1817- أخبرنا أبو بكر بن عليٍّ ثنا عبَّاس النَّرسيُّ ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا ليث عن عطاء قال‏:‏ كانت عائشة تقول‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏

خالفهما عبد الله بن لهيعة بن عقبة فرواه عن عطاء عن أبي الدَّرداء، رواه عنه الوليد بن مسلم‏.‏

- لم يسند النَّسائيُّ رحمه الله حديث ابن لهيعة كما أسند غيره لأنَّه لا يجىء من قبله‏!‏ ولم يخرِّج من حديثه شيئًا مسندًا إلا حديثًا واحدًا في غير ‏"‏السُّنن ‏"‏-‏.‏

قال النَّسائيُّ‏:‏ خالفهم فطر بن خليفة- إن كان قبيصة حفظ عنه- فرواه عن عطاء عن ابن عبَّاس عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

1818- أخبرناه عقبة بن قبيصة بن عقبة قال‏:‏ حدَّثني أبي ثنا فطر عن عطاء عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

خالفه محمَّد بن يوسف‏:‏ 1819- أخبرنا أحمد بن الأزهر النَّيسابوريُّ ثنا محمَّد بن يوسف ثنا فطر عن عطاء قال‏:‏ كنَّا نسمع أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم والمستحجم‏"‏‏.‏

قال النَّسائيُّ‏:‏ وقد روي عن ابن عبَّاس أنه كان لا يرى بالحجامة للصَّائم بأسًا‏.‏

1820- أخبرنا محمَّد بن حاتم أنا حِبَّان أنا عبد الله عن الحسن بن يحيى عن الضَّحاك عن ابن عبَّاس أنه لم يكن يرى بالحجامة للصَّائم بأسًا O‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ واعلم أنَّ هذا الحديث قد روي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير الطُّرق التي ذكرنا، فروي من طريق عليِّ بن أبي طالبٍ وسعدٍ وابن عبَّاسٍ وأبي زيدٍ الأنصاريِّ وأبي موسى ومعقل بن يسارٍ وغيرهم‏.‏

وقد ذكرنا أنَّه رواه بضعة عشر نفسًا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاقتصرنا على من ذكرنا‏.‏

وقد حكى التِّرمذيُّ عن عليِّ بن المدينيِّ أنَّه قال‏:‏ أصحُّ شيءٍ في هذا الباب حديث ثوبان وحديث شدَّاد بن أوسٍ‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ وسألت البخاريُّ فقال‏:‏ ليس في هذا الباب شيءٌ أصحُّ من حديث شداد بن أوس وثوبان‏.‏

فقلت له‏:‏ كيف وما فيه من الاضطراب‏؟‏‏!‏ فقال‏:‏ كلاهما عندي صحيحٌ، لأنَ يحيى بن أبي كثير روى عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان، وعن أبي الأشعث عن شدَّاد بن أوس الحديثين جميعًا‏.‏

ز‏:‏ قد تقدَّم حديث عليٍّ وابن عبَّاسٍ ومعقل بن يسارٍ‏.‏

وأمَّا حديث أبي موسى‏:‏ 1821- فقال النَّسائيُّ‏:‏ أخبرنا الحسن بن إسحاق ثنا رَوْح بن عبادة ثنا سعيد بن أبي عَرُوبة عن مطرِ عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع قال‏:‏ دخلتُ على أبي موسى ليلاً وهو يحتجم، فقلت‏:‏ ألا كان هذا نهارًا‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ أهريق دمي وأنا صائمٌ‏!‏ وقد سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

قال أبو عبد الرَّحمن‏:‏ هذا خطأٌ، وقد وقفه حفصٌ‏:‏ 1822- أخبرنا حسين بن منصورٍ ثنا حفصٌ ثنا سعيدٌ عن مطر عن بكر ابن عبد الله عن أبي رافع عن أبي موسى أنَّه قال‏.‏

- ولم يرفعه-‏.‏

1823- أخبرنا محمَّد بن بشَّار ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن بعض أصحابه عن ابن بُريدة عن أبي موسى عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

1824- أخبرنا أحمد بن الأزهر ثنا سعيد بن عامرٍ عن سعيد عن صاحبٍ له عن عبد الله بن بُريدة قال‏:‏ دُخل على أبي موسى بليلٍ وهو يحتجم، فقيل‏:‏

1825- أخبرنا حسين بن منصور ثنا حفص ثنا سعيد بن أبي عَرُوبة عن أبي مالكٍ عن ابن بُريدة قال‏:‏ دخلتُ على أبي موسى وهو يحتجم ليلاً، فقلت‏:‏ هلا كان هذا نهارًا‏؟‏ قال‏:‏ تأمرني أن أهريق دمي وأنا صائمٌ‏؟‏‏!‏ وقد سمعت رسول اللّه- شعرو يقول‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والحجوم‏"‏‏.‏

ذكر الاختلاف على بكر بن عبد الله المزنيِّ فيه‏:‏ 1826- أخبرني أبو بكر بن عليٍّ ثنا محمَّد بن بشَّارٍ ثنا عبد الرَّحمن عن شعبة عن قتادة عن بكر بن عبد الله عن أبي رافع قال‏:‏ دخلت على أبي موسى وهو يحتجم ليلاً، فقلت‏:‏ ألا كان هذا نهارًا‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ تأمرني أن أهريق دمي وأنا صائمٌ‏؟‏‏!‏ خالفه حُميد الطَّويل‏:‏ 1827- أخبرنا حُميد بن مَسْعَدة ثنا بشر ثنا حُميد عن بكر عن أبي العالية أنَّه دخل على أبي موسى- وهو أميرٌ على البصرة- عند المغرب فوجده يأكل تمرًا وكامخًا، قال‏:‏ احتجمتُ‏.‏

قال‏:‏ ألا احتجمت نهارًا‏؟‏‏!‏ قال تأمرني أن أهريق دمي وأنا صائمٌ‏؟‏‏!‏ وقال أبو عليٍّ الحافظ‏:‏ قلت لعبدان الأهوازيِّ‏:‏ يصحُّ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائمٌ‏؟‏ فقال‏:‏ سمعت عبَّاسًا العنبريَّ يقول‏:‏ سمعت عليَّ بن المدينيِّ يقول‏:‏ قد صحَّ حديث أبي رافع عن أبي موسى أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏‏.‏

وقال الحاكم أبو عبد الله في ‏"‏ المستدرك ‏"‏- بعد أن روى حديث أبي رافع عن أبي موسى، وبعد أن روى تصحيح عليِّ بن المدينيِّ له عن أبي عليٍّ الحافظ-‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشَّيخين ولم يخرجاه‏.‏

وقال أحمد بن حنبل‏:‏ هو خطأٌ، إنَّما هو بكر عن أبي العالية‏.‏

حكاه عنه أبو داود‏.‏

قال أحمد‏:‏ وحديث بكر عن أبي رافع خطأٌ لم يرفعه أحدٌ‏.‏

وقال البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏‏:‏ واحتجم أبو موسى ليلاً O‏.‏

أمَّا حجَّتهم، فلهم ثلاثة أحاديث‏:‏ 1828- الحديث الأوَّل‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ حدَّثنا بشر بن هلال البصريُّ ثنا عبد الوارث بن سعيدٍ ثنا أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ قال‏:‏ احتجم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محرمٌ صائمٌ‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

1829- طريقٌ آخرٌ‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا هاشم بن القاسم ثنا شعبة عن الحكم عن مِقْسم عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم بالقاحة وهو صائمٌ‏.‏

ز‏:‏ حديث ابن عبَّاس روي على أربعة أوجه‏:‏ أحدها‏:‏ ‏(‏احتجم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محرمٌ‏)‏ ولم يذكر الصِّيام‏.‏

والثَّاني‏:‏ ‏(‏احتجم وهو صائمٌ‏)‏ ولم يذكر الإحرام‏.‏

والثَّالث‏:‏ الجمع بينهما‏:‏ ‏(‏احتجم وهو صائمٌ محرمٌ‏)‏‏.‏

والرَّابع‏:‏ الجمع بينهما على غير هذا الوجه‏:‏ 1830- قال البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏‏:‏ ثنا معلَّى بن أسدٍ ثنا وهيب عن أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو محرمٌ، واحتجم وهو صائمٌ‏.‏

فأمَّا احتجامه وهو محرمٌ‏:‏ فمجمعٌ على صحته؛ واختلف في صحة احتجامه وهو صائمٌ‏:‏ فضعَّفه يحيى بن سعيدٍ القطَّان وأحمد بن حنبل وغيرهما من الأئمة، وصحَّحه البخاريُّ والترمذيُّ وغيرهما‏.‏

قال مُهنَّا‏:‏ سألت أحمد بن حنبل عن حديث ابن عبَّاس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائمٌ محرمٌ‏.‏

فقال‏:‏ ليس فيه ‏(‏صائمٌ‏)‏، إنما هو ‏(‏محرم‏)‏‏.‏

قلت‏:‏ من ذكره‏؟‏ قال‏:‏ سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاوس عن ابن عبَّاس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو محرمٌ، وروح عن زكريا بن إسحاق عن عمرو عن طاوس عن ابن عبَّاس مثله، وعبد الرَّزَّاق عن معمر عن ابن خثيم عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبَّاس مثله‏:‏ احتجم النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محرمٌ‏.‏

قال أحمد‏:‏ هؤلاء أصحاب ابن عبَّاس لا يذكرون صيامًا‏.‏

وقال أبو بكر في كتاب ‏"‏ الشَّافي ‏"‏‏:‏ باب القول في تضعيف حديث ابن عبَّاس‏:‏ أنَّه احتجم صائمًا محرمًا‏.‏

حدَّثنا الخلال ثنا أبو داود ثنا أحمد ثنا يحيى بن سعيدٍ عن شعبة قال‏:‏ لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة في الصيام‏.‏

قال يحيى‏:‏ والحجامة للصَّائم ليس بصحيحٍ‏.‏

وقد أجيب عن حديث ابن عبَّاس على تقدير صحَّته، وانتفاء تعليله، بوجوهٍ ذكرتها في غير هذا الموضع‏.‏

وقال الحاكم- بعد أن روى حديث ابن عبَّاس-‏:‏ فاسمع الآن كلام إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة على هذا الحديث، لتستدلَّ به على أرشد الصَّواب‏:‏ سمعت أبا بكر محمَّد بن جعفر المزكيَّ يقول‏:‏ سمعت أبا بكرٍ محمَّد ابن إسحاق بن خزيمة يقول‏:‏ قد ثبتت الأخبار عن النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏، فقال بعض من خالفنا في هذه المسألة ‏(‏‏)‏‏:‏ إنَّ الحجامة لا تفطِّر الصَّائم‏.‏

واحتجَّ بأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائمٌ محرمٌ‏.‏

وهذا الخبر غير دالٍّ‏"‏ على أنَّ الحجامة لا تفطِّر الصَّائم، لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّما احتجم وهو صائمٌ محرمٌ في سفرٍ لا في حضر، لأنَّه لم يكن قطُّ مُحْرِمًا مقيمًا ببلده، وإنَّما كان مُحْرِمًا وهو مسافرٌ، وللمسافر- إن كان ناويًا للصَّوم وقد مضى عليه بعض النَّهار وهو صائمٌ- الأكل والشُّرب، وإن كان الأكل والشُّرب يفطِّرانه، لا كما توهَّم بعض العلماء أن المسافر إذا دخل في الصَّوم لم يكن له أن يفطر إلى أن يتم صومه ذلك اليوم الذي دخل فيه، فإذا كان له أن يأكل ويشرب وقد دخل في الصَّوم ونواه ومضى بعض النَّهار وهو صائمٌ جاز له أن يحتجم وهو مسافرٌ في بعض نهار الصَّوم وإن كانت الحجامة تفطِّره O‏.‏

1831- الحديث ‏"‏ الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا البغويُّ ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا خالد بن مخلد عن عبد الله بن المثنى عن ثابت عن أنس بن مالكٍ قال‏:‏ أوَّل ما كُرهت الحجامة للصَّائم أنَّ جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائمٌ، فمرَّ به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏أفطر هذان‏"‏‏.‏

ثمَّ رخَّص النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدُ في الحجامة للصائم‏.‏

وكان أنس يحتجم وهو صائم‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ كلُّهم ثقاتٌ، ولا أعلم له علَّةً‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ قلت‏:‏ قال أحمد بن حنبل‏:‏ خالد بن مخلد له أحاديث مناكير‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث حديثٌ منكرٌ لا يصلح الاحتجاج به، لأنَّه شاذ الإسناد والمتن، ولم يخرِّجه أحدٌ من أئمة ‏"‏ الكتب الستة‏"‏، ولا رواه الإمام أحمد ابن حنبل في ‏"‏ مسنده ‏"‏ ولا الشَّافعيُّ ولا أحدٌ من أصحاب المسانيد المعروفة، ولا يعرف في الدُّنيا أحدٌ رواه إلا الدَّارَقُطْنِيُّ عن البغويِّ‏!‏ وقد ذكره الحافظ أبو عبد الله المقدسيُّ في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ ولم يروه إلا من طريق الدَّارَقُطْنِيِّ وحده، ولو كان عنده من حديث غيره لذكره كما عرف من عادته أنَّه يذكر الحديث من المسانيد التي رواها كمسند أحمد وأبي يعلى الموصليِّ ومحمَّد بن هارون الرُّويانيِّ و ‏"‏ معجم الطَّبرانيِّ ‏"‏ وغير ذلك من الأمهات، وكيف يكون هذا الحديث صحيحًا سالمًا من الشُّذوذ والعِلَّة ولم يخرِّجه أحدٌ من أئمة ‏"‏ الكتب الستة ‏"‏ ولا المسانيد المشهورة وهم محتاجون إليه أشدّ حاجة‏؟‏‏!‏ والدَّارَقُطْنِيُّ إنَّما جمع في كتابه ‏"‏ السُّنن ‏"‏ غرائب الأحاديث، والأحاديث المعلَّلة والضَّعيفة فيه أكثر من الأحاديث الصَّحيحة السَّالمة من التَّعليل‏.‏

وقوله في رواة هذا الحديث‏:‏ ‏(‏كلُّهم ثقات، ولا أعلم له علَّةً‏)‏ فيه نظرٌ من وجوه‏:‏ أحدها‏:‏ أنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ نفسه تكلَّم في رواية عبد الله بن المثنى، وقال‏:‏ ليس هو بالقويِّ‏.‏

في حديثٍ رواه البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏‏!‏ الثَّاني‏:‏ أنَّ خالد بن مخلد القَطَوانيَّ وعبد الله بن المثنى قد تكلَّم فيهما غير واحدٍ من الحفَّاظ- وإن كانا من رجال الصَّحيح-، قال أحمد في خالد‏:‏ له أحاديث مناكير‏.‏

وقال ابن سعدٍ‏:‏ منكر الحديث، مفرط التَّشيُّع‏.‏

وقال السَّعديُّ‏:‏ كان شتَّامًا معلنًا بسوء مذهبه‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ هو عندي- إن شاء الله- لا بأس به‏.‏

وقال أبو عبيد الآجريُّ‏:‏ سألت أبا داود عن عبد الله بن المثنى الأنصاريِّ فقال‏:‏ لا أخرِّج حديثه‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ لبس بالقويِّ‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في ‏"‏ الثِّقات ‏"‏ وقال‏:‏ ربَّما أخطأ‏.‏

وقال السَّاجيُّ‏:‏ فيه ضعفٌ، لم يكن صاحب حديثٍ‏.‏

وقال الموصليُّ‏:‏ روى مناكير‏.‏

وذكره العقيليُّ في ‏"‏ الضُّعفاء ‏"‏ وقال‏:‏ لا يتابع على أكثر حديثه‏.‏

ثمَّ قال‏:‏ حدَّثنا الحسين بن عبد الله الذَّارع ثنا أبو داود سمعت أبا سلمة يقول‏:‏ ثنا عبد الله بن المثنى، ولم يكن من القريتين بعظيمٍ‏!‏ كان ضعيفًا منكر الحديث‏.‏

وأصحاب الصَّحيح إذا رووا لمن قد تكلِّم فيه فإنَّهم ينتقون من حديثه ما لم ينفرد به، بل وافق فيه الثِّقات، وقامت شواهد صدقه‏.‏

الثَّالث‏:‏ أنَّ عبد الله بن المثنى قد خالفه في روايته عن ثابت هذا الحديث أمير المؤمنين في الحديث شعبةُ بن الحجَّاج فرواه بخلافه، كما ذكر ذلك البخاريُّ في ‏"‏ صحيحه‏"‏‏.‏

ثمَّ لو سلِّم صحَّة حديث أنس لم يكن فيه حجَّةٌ، لأنَّ جعفر بن أبي طالب قتل في غزوة مؤتة، وكانت مؤتة قبل الفتح، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أفطر الحاجم والمحجوم ‏"‏ كان عام الفتح بعد قتل جعفر بن أبي طالب O‏.‏

1832- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا أحمد بن محمَّد بن يزيد الزَّعفرانيُّ ثنا محمَّد بن ماهان ثنا شعيب بن حربٍ ثنا هشام بن سعدٍ عن زيد ابن أسلبم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخُدريِّ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ ‏[‏ثلاثةٌ‏]‏ لا يفطِّرن الصَّائم‏:‏ القيء والحجامة والاحتلام‏"‏‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ قال يحيى‏:‏ هشام بن سعدٍ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النَّسائيُّ ضعيفٌ‏.‏

وقد رواه عبد الرَّحمن بن زيدٍ عن أبيه، وعبد الرَّحمن مجمعٌ على تضعيفه‏.‏

ز‏:‏ روى التِّرمذيُّ حديث عبد الرَّحمن عن محمَّد بن عبيد المحاربيِّ عنه، وقال‏:‏ هو غير محفوظٍ، وقد رواه غير واحدٍ عن زيد بن أسلم مرسلاً‏.‏

وقد روى حديث هشام بن سعدٍ‏:‏ ابنُ عَدِيٍّ في ‏"‏ كامله‏"‏، وقال‏:‏ عن ابن عبَّاس- بدل‏:‏ ابي سعيد-‏.‏

وقال‏:‏ الرُّعاف- بدل الحجامة-‏.‏

ورواه من حديث عبد الرَّحمن، وقال‏:‏ هذا حديثٌ غير محفوظٍ‏.‏

وقد تكلَّم في هذا الحديث أيضًا‏:‏ الإمام أحمد بن حنبل ومحمَّد بن يحيى الذُّهليُّ وابن خزيمة والدَّارَقُطْنِيُّ وغيرهم، وقد ذكرت ألفاظهم في غير هذا الموضع‏.‏

والمحفوظ في هذا الحديث ما روى أبو داود قال‏:‏ 1833- حدَّثنا محمَّد بن كثيرٍ ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن رجلٍ من أصحابه عن رجلٍ من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا يفطر من قاء، ولا من احتلم، ولا من احتجم‏"‏‏.‏

وقال البيهقيُّ- بعد أن روى حديث عبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيدٍ مرفوعًا-‏:‏ كذا رواه عبد الرَّحمن بن زيدٍ- وليس بالقويِّ- والصَّحيح‏:‏ 1833/أ- رواية سفيان الثَّوريِّ وغيره عن زيد بن أسلم عن رجلٍ من أصحابه عن رجلٍ من أصحاب النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يفطر من قاء، ولا من احتجم، ولا من احتلم‏"‏‏.‏

أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد ثنا إسحاق الدَّبريُّ عن عبد الرَّزَّاق عن الثَّوريِّ‏.‏ فذكره‏.‏

وقد روي عن الثَّوريِّ نحو رواية عبد الرَّحمن بن زيدٍ وليس بصحيحٍ O‏.‏

مسألة ‏(‏368‏)‏‏:‏ الفطر في السَّفر أفضل من الصَّوم، خلافًا لأكثرهم‏.‏

لنا خمسة أحاديث‏:‏

1834- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَّثنا إسماعيل عن شعبة عن محمَّد بن عبد الرَّحمن بن سعد بن زُرارة عن محمَّد بن عمرو بن الحسن أنَّه سمع جابر بن عبد الله يقول‏:‏ بينا رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفرٍ، فرأى زحامًا ورجلاً قد ظلِّل عليه‏!‏ فسأل عنه، فقيل‏:‏ هذا صائمٌ‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏ليس من البرِّ أن تصوموا في السَّفر‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

1835- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن الزُّهري عن صفوان بن عبد الله عن أمِّ الدَّرداء عن كعب بن عاصم أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ليس من البرِّ الصِّيام في السَّفر‏"‏‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث النَّسائيُّ عن إسحاق بن إبراهيم عن سفيان بإسناده‏.‏

وعن إبراهيم بن يعقوب عن محمَّد بن كثيرٍ عن الأوزاعيِّ عن الزُّهريِّ عن سعيد بن المسيِّب قال‏:‏ قال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فذكره‏.‏

وقال‏:‏ هذا الحديث خطأٌ، ولا نعلم أحدًا تابع محمَّد بن كثيرٍ عليه، والصَّواب الذي قبله‏.‏

ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمَّد بن الصَّبَّاح عن سفيان به O‏.‏

1836- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال‏:‏ حدَّثني بُشَير بن يسار عن ابن عبَّاس قال‏:‏ خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الفتح في رمضان، فصام وصام المسلمون معه، حتَّى إذا كان بالكديد دعا بماء في قُعْبٍ- وهو على راحلته-، فشرب والنَّاس ينظرون، يُعْلِمُهم أنَّه قد أفطر، فأفطر المسلمون‏.‏

1837- الحديث الرَّابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا هاشم بن القاسم ثنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عبَّاس قال‏:‏ صام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فتح مكَّة حتَّى أتى قُديدًا، فأُتي بقدحٍ من لبنٍ فأفطر، وأمر النَّاس أن يفطروا‏.‏

ز‏:‏ الحديث الذي قبل هذا ليس هو في شيءٍ من ‏"‏ الكتب السِّتَّة‏"‏‏.‏

وأمَّا هذا الحديث‏:‏ فرواه النَّسائيُّ عن محمَّد بن حاتم عن سويد عن عبد الله عن شعبة بإسناده‏.‏

وعن زكريا بن يحيى عن الحسن بن عيسى عن ابن المبارك عن شعبة به‏.‏

ورواه العلاء بن المسيّب عن الحكم عن مجاهد عن ابن عبَّاسٍ O‏.‏

1838- الحديث الخامس‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا حجَّاج ويونس قالا‏:‏ ثنا ليث قال‏:‏ حدَّثني يزيد بن أبي حبيبٍ عن أبي الخير عن منصور الكلبيِّ عن دِحية بن خليفة أنَّه خرج من قريته في رمضان فأفطر، وأفطر معه ناسٌ، وكره آخرون أن يفطروا، فلمَّا رجع قال‏:‏ والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما كنت أطنُّ أن أراه‏!‏ إنَّ قومًا رغبوا عن هديِّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه‏.‏

يقول ذلك للذين صاموا، ثمَّ قال عند ذلك‏:‏ اللهم اقبضني إليك‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث‏:‏ أبو داود والطَّبرانيُّ‏.‏

1839- قال أبو داود‏:‏ ثنا عيسى بن حمَّاد أنا الليث- يعني‏:‏ ابن سعد- عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن منصور الكلبي أنَّ دِحية بن خليفة خرج من قرية من دمشق مرَّةً إلى قدر قرية عُقْبَةَ من الفسطاط- وذلك ثلاثة أميال- في رمضان، ثمَّ إنَّه أفطر، وأفطر معه ناسٌ، وكره آخرون أن يفطروا، فلمَّا رجع إلى قريته، قال‏:‏ والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما كنت أظنُّ أنِّي أراه‏!‏ إنَّ قومًا رغبوا عن هدي رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه‏.‏

يقول ذلك للذين صاموا، ثمَّ قال عند ذلك‏:‏ اللهم اقبضني إليك‏.‏

1840- وقال أبو القاسم الطَّبرانيُّ‏:‏ ثنا مطَّلب بن شعيب الأزديُّ ثنا عبد الله بن صالح ثنا الليث ثنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن منصور الكلبيِّ أنَّ دِحية بن خليفة خرج من قريته بدمشق المِزَّة إلى قدر قرية عقبة في رمضان، ثمَّ إنَّه أفطر وأفطر معه أناس، وكره آخرون أن يفطروا، فلمَّا رجع إلى قريته، قال‏:‏ والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما كنت أظني أراه‏!‏ إنَّ قومًا رغبوا عن هدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه‏.‏

يقول ذلك للذين صاموا، ثمَّ قال عند ذلك‏:‏ اللهم اقبضني إليك‏.‏

ورواه البيهقيُّ من رواية أبي عمران موسى بن سهل الجَوْنِيِّ عن عيسى ابن حمَّاد‏.‏

وهو حديثٌ حسنٌ، ومنصور الكلبيُّ‏:‏ قال العجليُّ‏:‏ هو بصريٌّ، تابعيٌّ، ثقةٌ‏.‏

وقال ابن المدينيِّ‏:‏ منصور بن زيد الكلبيُّ مجهولٌ لا أعرفه‏.‏

وسئل الذُّهْليُّ عنه، فقال‏:‏ قال يزيد بن أبي حبيب‏:‏ هو منصور بن زيد الكلبيُّ‏.‏

وقال ابن يونس‏:‏ هو منصور بن سعيد بن الأصبغ الكلبيُّ، يروي عن دحية الكلبيِّ، وعنه ابنه حسَّان ومرثد بن عبد الله اليزنيُّ‏.‏

ومنصور هذا‏:‏ جدُّ أبي السحماء سهيل بن حسَّان، الذي يروي عنه خالد بن حُميد وضِمام ابن إسماعيل وعبد الله بن وهب والليث بن سعد‏.‏

وقال الخَطَّابيُّ‏:‏ هذا الحديث ليس بالقويِّ، وفي إسناده رجلٌ ليس بالمشهور‏.‏

وأراد به منصورًا، وهذا لا يقدح في الحديث، فإنَّ رواية أبي الخير عنه ممَّا يحسِّن أمره، فإنَّه لا يروي إلا عن ثقة‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ الذي روينا عن دِحية الكلبيِّ- إن صحَّ ذلك- فكأنَّه ذهب فيه إلى ظاهر الآية في الرُّخصة في السَّفر، وأراد بقوله‏:‏ ‏(‏رغبوا عن هدي رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه‏)‏ أي‏:‏ في قبول الرُّخصة، لا في تقدير السَّفر الذي أفطر فيه، والله أعلم O‏.‏

فصلٌ ‏(‏369‏)‏‏:‏ فإن صام في السَّفر صحَّ

وقال داود‏:‏ لا يصحُّ‏.‏

لنا أحاديث‏:‏ 1841- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو المغيرة ثنا سعيد بن عبد العزيز قال‏:‏ حدَّثني إسماعيل بن عبيد الله عن أمِّ الدَّرداء عن أبي الدَّرداء قال‏:‏ كنَّا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، وإنَّ أحدنا ليضع يده على رأسه من شدَّة الحر، وما منَّا صائمٌ إلا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله بن رواحة‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

1842- قال أحمد‏:‏ وثنا أبو معاوية ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ جاء حمزة الأسلميُّ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال‏:‏ يا رسول الله، إنِّي رجلٌ ‏[‏‏]‏ أسرد الصَّوم، أفأصوم في السَّفر‏؟‏ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

1843- قال أحمد‏:‏ وثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن سليمان بن يسار عن حمزة بن عمرو الأسلميِّ أنَّه سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصَّوم في السَّفر، قال‏:‏ ‏"‏إن ششت صمت، وإن شئت أفطرت‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه النَّسائيُّ عن محمَّد بن رافع عن أزهر بن القاسم عن هشام عن قتادة به‏.‏

وفي إسناده اختلافٌ O‏.‏

1844- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا يونس أنا ابن وهبٍ قال‏:‏ أخبرني عمرو بن الحارث عن محمَّد بن عبد الرَّحمن عن عروة عن أبي مُراوح عن حمزة بن عمرو الأسلمي ‏[‏أنَّه قال‏:‏ يا رسول الله، إنِّي أجد بي قوَّةً على الصِّيام في السَّفر، فهل عليَّ جناح‏؟‏ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏‏]‏ ‏"‏ هي رخصةٌ من الله عزَّ وجل، فمن أخذ بها فحسنٌ، ومن أحبَّ أن يصوم فلا جناح عليه‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هذا إسنادٌ صحيحٌ‏.‏

قال‏:‏ وخالفه هشام بن عروة، فرواه عن أبيه عن عائشة أنَّ حمزة سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏‏.‏‏.‏

قال‏:‏ يحتمل أن يكون القولان صحيحين، والله أعلم‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ وقد أخرجه مسلمٌ في أفراده من حديث أبي مُراوح‏.‏

1845- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عمر بن أحمد بن عليٍّ المروزيُّ ثنا محمَّد بن عمران ثنا أحمد بن موسى ثنا هارون بن مسلم ثنا حسين المعلِّم عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ رأيت رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم في السَّفر ويفطر‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث بهذا الإسناد غير مخرَّجٍ أب شيءٍ من ‏"‏ الكتب السِّتَّة‏"‏، وشيخ الدَّارَقُطْنِيِّ‏:‏ ثقةٌ، فقيهٌ‏.‏

ومحمَّد بن عمران هو‏:‏ أبو جعفر الضَّبيُّ، النَّحويُّ، الكوفيُّ، سكن بغداد، وحدَّث عن أبي نعيم وأحمد بن حنبل وغير واحد، وثَّقه الدَّارَقُطْنِيُّ‏.‏

وأحمد بن موسى‏:‏ يحتمل أن يكون الشَّطوي، وهو أبو جعفر البزَّار، نزيل سامرَّاء، روى عن محمَّد بن سابق وزكريا بن عديٍّ، قال ابن أبي حاتم‏:‏ كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق‏.‏

ويحتمل أن يكون أحمد بن موسى صاحب اللؤلؤ، وهو ابن أبي مريم، أبو عبد الله البصريُّ، روى عن ابن عونٍ وعاصم الجَحْدَريِّ وأبيه موسى، روى عنه محمَّد بن المثنَّى ونصر بن عليٍّ وغيرهما‏.‏

ويحتمل أن يكون غيرهما‏.‏

وهارون بن مسلم هو‏:‏ ابن هُرمز، أبو الحسن صاحب الحنَّاء، روى عن أبيه وعبيد الله بن الأخنس وغيرهما، روى عنه قتيبة وغيره، قال ابن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عنه فقال‏:‏ ليِّن‏.‏

ووثَّقه الحاكم O‏.‏

1846- وقال أحمد‏:‏ ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم الجزريِّ عن طاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ لا تعب على من صام في السَّفر، ولا على من أفطر، فقد صام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السَّفر وأفطر‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث مسلمٌ في ‏"‏ صحيحيه ‏"‏ فقال‏:‏ 1847- حدَّثنا أبو كريب ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن طاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ لا تعب على من صام ولا على من أفطر، قد صام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السَّفر وأفطر‏.‏

1848- وقال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله إسحاق بن محمَّد بن يوسف السوسيُّ وأبو عبد الرَّحمن السُّلميُّ قالا‏:‏ ثنا أبو العبَّاس الأصم أنا العبَّاس بن الوليد بن مَزْيَدٍ أخبرني أبي سمعت الأوزاعيُّ حدَّثني زياد النُّميريُّ حدَّثني أنس بن مالك قال‏:‏ وافق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رمضان في سفرٍ فصامه، ووافقه رمضان في سفرٍ فأفطره‏.‏

زياد بن عبد الله النُّميريُّ‏:‏ ضعَّفه يحيى بن معين في رواية، وقال في رواية أخرى عنه‏:‏ ليس به بأس‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ يكتب حديثه ولا يحتجُّ به‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في ‏"‏ الثِّقات ‏"‏ وقال‏:‏ يخطئ، وكان من العبَّاد‏.‏

وذكره أيضًا في ‏"‏ الضُّعفاء‏"‏ وقال‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ وعندي إذا روى عن زياد النُّميريِّ ثقةٌ فلا بأس بحديثه O‏.‏

1849- وقال أبو بكر الإسماعيليُّ‏:‏ أنا الهيثم ثنا إسحاق ثنا مَعْن ثنا مالك عن حُميد الطَّويل عن أنس أنَّه قال‏:‏ سافرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان، فلم يعب الصَّائم على المفطر، ولا المفطر على الصَّائم‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏370‏)‏‏:‏ إذا نوى الصَّوم ثمَّ سافر أبيح له أن يفطر، وبه قال داود والمزنيُّ‏.‏

وعنه‏:‏ لا يباح، كقول أكثرهم‏.‏

1850- قال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ حدَّثنا سفيان عن الزُّهريِّ عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبَّاس أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج عام الفتح فصام، حتَّى إذا كان بالكُدَيد أفطر‏.‏

وإنَّما يؤخذ بالآخر من فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

1851- وقال الإسماعيليُّ‏:‏ أخبرني القاسم بن زكريا قال‏:‏ حدَّثني يزيد بن الهيثم ثنا إبراهيم بن أبي الليث ثنا الأشجعيُّ عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسافرًا في رمضان حتَّى أتى عُسْفان، فدعا بإناءٍ من شرابٍ نهارًا ليُري النَّاس، ثمَّ أفطر حتَّى قدم مكَّة‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذان الحديثان يدلان على أنَّ المسافر اذا صام بعض الشَّهر في سفره يجوز له الفطر بعد ذلك في يوم نوى صومه، وأمَّا إذا نوى الحاضر صوم يوم ثمَّ سافر في أثنائه، فالدَّليل على جواز الفطر له‏:‏

1852- ما رواه أبو داود، قال‏:‏ حدَّثنا عبيد الله بن عمر حدَّثني عبد الله بن يزيد، قال أبو داود‏:‏ وحدَّثنا جعفر بن مسافر ثنا عبد الله بن يحيى- المعنى-، عن سعيد- يعني ابن أبي أيوب، زاد جعفر‏:‏ والليث- قال‏:‏ حدَّثني يزيد بن أبي حبيب أنَّ كليب بن ذُهل الحضرميَّ أخيره عن عُبيد- قال جعفر‏:‏ ابن جَبر- قال‏:‏ كنت مع أبي بَصْرة الغفاريِّ- صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفينة من الفسطاط في رمضان، فدفع، ثمَّ قرَّب غداءه- وقال جعفر في حديثه‏:‏ فلم يجاوز البيوت حتَّى دعا بالسُّفرة- قال‏:‏ اقترب‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ أليس ترى البيوت‏؟‏ قال أبو بصرة‏:‏ أترغب عن سنة رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قال جعفر في حديثه‏:‏ فأكل‏.‏

1853- وقال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العبَّاس محمَّد ابن يعقوب نا الحسن بن مكرم ثنا عثمان بن عمر أنا شعبة عن عمرو بن عامر عن أنس بن مالك قال‏:‏ قال لي أبو موسى‏:‏ الم أُنبَّأ- أو‏:‏ ألم أُخْبَر- أنَّك تخرج صائمًا، وتدخل صائمًا‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ فإذا خرجت فاخرج مفطرًا، وإذا دخلت فادخل مفطرًا‏.‏

1854- وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي أنا أبو الحسن أحمد بن محمَّد بن عبدوس نا عثمان بن سعيد الدَّارميُّ نا ابن أبي مريم ثنا محمَّد بن جعفر حدَّثني زيد بن أسلم أخبرني محمَّد بن المنكدر عن محمَّد بن كعب قال‏:‏ أتيتُ أنسَ بن مالك في رمضان وهو يريد السَّفر، وقد رُحِّلت دابته، وقد لبس ثياب السَّفر، وقد تقارب غروب الشَّمس، فدعا بطعام فكل منه، ثمَّ ركب، فقلت له‏:‏ سنَّة‏.‏

فقال‏:‏ نعم‏.‏

1855- وأخبرنا أبو الطَّاهر الفقيه أنا أبو عثمان البصريُّ نا محمَّد بن عبد الوهَّاب أنا يعلى بن عُبيد ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن شُرَحبيل أنَّه كان يسافر وهو صائم فيفطر من يومه O‏.‏

مسألة ‏(‏371‏)‏‏:‏ إذا نوى بالليل ثُمَّ أغمي عليه قبل طلوع الفجر، فلم يفق إلا بعد الغروب، لم يصحَّ صومه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يصحُّ‏.‏

1856- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏كلُّ عمل ابن آدم يضاعف، الحسَنةُ عشر أمثالها، إلى سبع مائة ضعف، إلى ما شاء الله، يقول الله عزَّ وجلَّ‏:‏ إلا الصَّوم فإنَّه لي، وأنا أجزي به، يدع طعامه وشهوى من أجلي‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏الصَّحيحين‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏372‏)‏‏:‏ إذا أخَّر قضاء رمضان لغير عذرٍ حتَّى جاء رمضان آخر، وجبت عليه الفدية مع القضاء‏.‏

وقأل أبو حنيفة‏:‏ لا يجب إلا القضاء‏.‏

1857- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن جعفر بن أحمد الصَّيرفيُّ ثنا بكر بن محمود بن مكرم القزَّاز نا إبراهيم بن نافع الجَلاب ثنا ‏[‏عمر‏]‏ ابن موسى بن وجيه نا الحكم عن مجاهد عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رجلٍ أفطر في رمضان، ثمَّ مرض، ثمَّ صحَّ ولم يصم حتَّى أدركه رمضان آخر، قال‏:‏ ‏"‏يصوم الذي أدركه، ثمَّ يصوم الشَّهر الذي أفطر فيه، ويطعم عن كلِّ يوم مسكينًا‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وأنا محمَّد بن عبد الله أنا معاذ ثنا مسدَّد ثنا يحيى عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أنَّه قال في رجلٍ مرض في رمضان، ثمَّ صحَّ

فذكر نحو الحديث‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ إسنادٌ صحيحٌ، موقوفٌ‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ وعلى الموقوف العمل، فأمَّا المسند فلا يصحُّ، فيه‏:‏ إبراهيم بن نافع، قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ كان يكذب، وحدَّث عن ابن وجيه أحاديث بواطيل‏.‏

قال‏:‏ وعمر متروك الحديث، كان يضع الحديث‏.‏

وقال يحيى بن معين‏:‏ ليس بثقة‏.‏

ز‏:‏ 1858- قال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا الحسن بن مكرم ثنا يزيد بن هارون ثنا شعبة عن الحكم عن ميمون بن مهران عن ابن عبَّاس في رجلٍ أدركه رمضان وعليه رمضان آخر، قال‏:‏ يصوم هذا، ويطعم عن ذاك كلّ يومٍ مسكينًا، ويقضيه‏.‏

1859- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا‏:‏ نا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب نا يحيى بن أبي طالب قال‏:‏ قال عبد الوهَّاب بن عطاء‏:‏ سُئل سعيد- هو‏:‏ ابن أبي عروبة- عن رجل تتابع عليه رمضانان، وفرَّط فيما بينهما؛ فأخبرنا عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن مجاهد عن أبي هريرة أنَّه قال‏:‏ يصوم الذي حضر، ويقضي الآخر، ويطعم لكلِّ يوم مسكينًا‏.‏

قال‏:‏ وأنا عبد الوهَّاب أنا سعيد عن قيس بن سعد عن عطاء عن أبي هريرة بمثله‏.‏

ورواه ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة قال‏:‏ مُدًّا من حنطة لكلِّ‏:‏

1860- وأخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطَّان ببغداد أنا أبو سهل بن زياد القطَّان نا عليُّ بن محمَّد بن أبي الشَّوارب ثنا سهل بن بكَّار نا أبو عوانة عن رقبة قال‏:‏ زعم عطاء أنَّه سمع أبا هريرة قال في المريض يمرض ولا يصوم رمضان، ثمَّ يبرأ ولا يصوم حتَّى يدركه رمضان آخر، قال‏:‏ يصوم الذي حضر، ويصوم الآخر، ويطعم لكلِّ ليلة مسكينًا‏.‏

وروى هذا الحديث إبراهيم ابن نافع الجَلاب عن عمر بن موسى بن وجيه عن الحكم عن مجاهد عن أبب هريرة مرفوعًا، وليس بشيءٍ، إبراهيم وعمر متروكان‏.‏

وروينا عن ابن عمر وأبي هريرة في الذي لم يصحَّ حتَّى أدركه رمضان آخر‏:‏ يطعم ولا قضاء عليه‏.‏

وعن الحسن وطاوس والنَّخعيِّ‏:‏ يقضي ولا كفارة عليه‏.‏

وبه نقول لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏]‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 185‏]‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏373‏)‏‏:‏ إذا مات وعليه قضاء رمضان، فإنَّه يُطعَم عنه ولا يُصام، وإن كان عليه نذرٌ صام الولي‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالكٌ‏:‏ لا يُصام ولا يُطعم في الحالين، إلا أن يوصي بذلك‏.‏

وقال الشَّافعيُّ في القديم‏:‏ يُصام فيهما‏.‏

وفي الجديد‏:‏ يُطعَم فيهما‏.‏

لنا- أنَّه لا يُصام عنه قضاء رمضان-‏:‏ 1861- ما رواه التِّرمذيُّ، قال‏:‏ ثنا قتيبة ثنا عَبثَر بن القاسم عن أشعث عن محمَّد عن نافع عن ابن عمر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من مات وعليه صيام شهرٍ فليُطعم عنه مكان كلِّ يوم مسكينًا‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، والصَّحيح عن ابن عمر موقوفًا‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ أشعث هو‏:‏ ابن سوَّار، وكان ابن مهدي يخطُّ على حديثه، وقال يحيى‏:‏ لا شيء‏.‏

وفي رواية‏:‏ ثقةٌ‏.‏

ومحمَّد هو‏:‏ ابن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، ضعيفٌ، مضطرب الحديث‏.‏

وقد حمله أصحابنا على قضاء رمضان‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه ابن ماجة عن محمَّد بن يحيى عن قتيبة بإسناده، وقال‏:‏ ‏(‏عن محمَّد بن سيرين‏)‏ ‏[‏و‏]‏ هو وهمٌ‏.‏

وأمَّا التِّرمذيُّ فلم يَنْسِبْ محمَّدًا في روايته، وقال‏:‏ ومحمَّد هو عندي‏:‏ ابن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى‏.‏

وهذا الذي قال صحيحٌ‏.‏

وقد سُئل الدَّارَقُطْنِيُّ عن هذا الحديث فقال‏:‏ يرويه أشعث بن سوَّار عن محمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تفرَّد به عَبْثَر بن القاسم، والمحفوظ عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، كذلك رواه عبد الوهَّاب بن بُختٍ عن نافع عن ابن عمر موقوفًا‏.‏

1862- وقال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي أنا أبو عبد الله محمَّد بن يعقوب ثنا محمَّد بن عبد الوهَّاب أنا جعفر بن عون أنا يحيى بن سعيد عن القاسم ونافع أنَّ ابن عمر كان إذا سُئل عن الرَّجل يموت وعليه صومٌ من رمضان أو نذر، يقول‏:‏ لا يصوم أحدٌ عن أحدٍ، ولكن تصدَّقوا عنه من ماله للصَّوم، لكلِّ يوم مسكينًا‏.‏

1863- وأخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة الأنصاريُّ أنا أبو الحسن عليُّ بن الفضل بن محمَّد بن عقيل أنا إبراهيم بن هاشم البغويُّ ثنا عبد الله بن محمَّد بن أسماء حدَّثني جويرية بن أسماء عن نافع أنَّ عبد الله بن عمر كان يقول‏:‏ من أفطر في رمضان أيامًا وهو مريض، ثمَّ مات قبل أن يقفيى فليُطعم عنه مكان كلِّ يوم أفطر من تلك الأيام مسكينًا مدًّا من حنطة، فإن أدركه رمضان عام قابل قبل أن يصومه، فأطاق صوم الذي أدرك، فليطعم عمَّا مضى كل يوم مسكينًا مدًّا من حنطة، وليصم الذي استقبل‏.‏

هذا هو الصَّحيح، موقوفٌ على ابن عمر، وقد رواه محمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن نافع فأخطأ فيه‏:‏ 1864- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا أبو محمَّد بن حيان الأصبهانيُّ ثنا محمَّد بن العبَّاس ثنا محمَّد بن إسماعيل بن البَخْتَري ثنا يزيد بن هارون أنا شَريك عن محمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر عن النَّبيِّ صعلم في الذي يموت وعليه رمضان، ولم يقضه، قال‏:‏ ‏"‏يُطعَم عنه، لكلِّ يومٍ نصف صاعٍ من بُرٍّ‏"‏‏.‏

هذا خطأٌ من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ رفعه الحديث إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنَّما هو من قول ابن عمر‏.‏

والآخر‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏نصف صاعٍ ‏"‏ وإنَّما قال ابن عمر‏:‏ مدًّا من حنطة‏.‏

وروي من وجه آخر عن ابن أبي ليلى ليس فيه ذكر الصَّاع‏:‏ 1865- أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطَّان- ببغداد- أنا أبو عمرو ابن السَمَّاك ثنا محمَّد بن عبد الرَّحمن بن كامل القَرْقَسَانيُّ ثنا أبو عاصم البَجَليُّ ثنا عَبْثَر ابن القاسم عن أشعث بن سوَّار عن محمَّد عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ سُئل النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن رجل مات وعليه صوم شهرٍ؛ قال‏:‏ ‏"‏يُطعَم عنه، كلُّ يومٍ مسكين‏"‏‏.‏

1866- أخبرنا أبو محمَّد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبَّار السُّكريُّ- ببغداد- أنا إسماعيل بن محمَّد الصَّفَّار ثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرَّزَّاق أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمَّد بن عبد الرَّحمن بن ثوبان قال‏:‏ سُئل ابن عبَّاس عن رجل مات وعليه صيام شهر رمضان، وعليه نذر شهر آخر؛ قال‏:‏ يُطعَم ستين مسكينًا‏.‏

كذا رواه ابن ثوبان عنه في الصِّيامن جميعًا‏.‏

1867- وقد أخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا‏:‏ أنا ‏[‏أبو‏]‏ العبَّاس بن الأصم ثنا محمَّد بن إسحاق أنا عبد الوهَّاب بن عطاء أنا سعيد عن روح بن القاسم عن عليٍّ بن الحكم عن ميمون بن مهران عن ابن عبَّاس في امرأة توفِّيت- أو رجل- وعليه‏:‏ رمضان، ونذر شهرٍ؛ فقال ابن عبَّاس‏:‏ يُطعَم عنه مكان كلِّ يوم مسكينًا، أو يصوم عنه وليه لنذره‏.‏

وكذلك رواه سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس‏.‏

انتهى ما رواه البيهقيُّ‏.‏

1868- وقال أبو داود في ‏"‏ سننه ‏"‏‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن كثير أنا سفيان عن أبي حَصِين عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس قال‏:‏ إذا مرض الرَّجل في رمضان، ثمَّ مات ولم يصح، أُطعِم عنه، ولم يكن عليه قضاء؛ وإن نذر نذرًا، قضى عنه وليه O‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ ولنا على قضاء النَّذر أربعة أحاديث‏:‏ 1869- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سفيان عن الزُّهريِّ عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبَّاس أنَّ سعد بن عبادة سأل النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نذرٍ كان على أمِّه، توفِّيت قبل أن تقضيه؛ قال‏:‏ ‏"‏اقضه عنها‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

1870- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي بشر قال‏:‏ سمعت سعيد بن جبير يحدِّث عن ابن عبَّاس أن امرأةً نذرت أن تحجَّ فماتت، فأتى أخوها النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن ذلك، فقال‏:‏ ‏"‏أرأيت لو كان على أختك دَيْنٌ، أكنت قاضيه‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فاقضوا الله عزَّ وجلَّ، فهو أحقُّ بالوفاء ‏"‏ انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

1871- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا هُشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جُبير عن ابن عبَّاس أنَّ امرأة ركبت البحر، فنذرت‏:‏ إن الله عزَّ وجلَّ نجَّاها أن تصوم شهرًا، فأنجاها الله، فلم تصم حتى ماتت، فجاءت قرابة لها فذكرت ذلك للنَّبيِّ يكنً؛ فقال‏:‏ ‏"‏صومي‏"‏‏.‏

1872- الحديث الرَّابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا إسحاق بن يوسف عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الله بن عطاء المكِّيِّ عن سليمان بن بُريدة عن أبيه أنَّ امرأةً أتت النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت‏:‏ يا رسول الله، إنَّ أمي كان عليها صوم شهرٍ، أفيجزيها أن أصوم عنها‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ عن محمَّد بن أحمد بن أبي خلف عن إسحاق الأزرق به‏.‏

1873- وقال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو الحسن عليُّ بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصَّفَّار ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا سليمان بن حرب ثنا حمَّاد بن سلمة عن جعفر بن أبي وحْشِيَّة عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس أنَّ امرأةً نذرت وهي في البحر إن نجَّاها الله أن تصوم شهرًا، فأنجاها الله، فماتت قبل أن تصوم، فجاءت ذات قرابة لها- إمَّا أختها وإمَّا بنتها- إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته، فقال‏:‏ ‏"‏صومي عنها‏"‏‏.‏

تابعه هُشيم عن أبي بشر في الصَّوم، ورواه شعبة وأبو عوانة عن أبي بشر في الحجِّ دون الصَّوم، ويحتمل أن يكون السؤال وقع عنهما فنقلا أحدهما، ونقل حمَّاد بن سلمة وهُشيم الآخر، فقد رواه عكرمة عن ابن عبَّاس في الصَّوم‏:‏ 1874- أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو بكر بن عبد الله أنا الحسن بن سفيان ثنا محمَّد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر قال‏:‏ قرأت على الفضيل عن أبي حَرِيز في امرأةٍ ماتت وعليها صوم؛ فقال‏:‏ حدَّثني عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ أتت امرأةٌ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت‏:‏ يا رسول الله، إنَّ أمِّي ماتت وعليها صومُ خمسة عشر يومًا، قال‏:‏ ‏"‏أرأيت لو أنَّ أمَّك ماتت وعليها دَيْنٌ، أكنت قاضيته‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ نعم، قال‏:‏ ‏"‏اقضي دين أمِّك‏"‏‏.‏

وهي امرأة من خَثْعم‏.‏

قال البخاريُّ‏:‏ وقال أبو حَرِيز‏:‏ حدَّثني عكرمة‏.‏

فذكره‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ ورواه بُريدة بن حُصيبٍ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصَّوم والحجِّ جميعًا‏:‏

1875- أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر ثنا جعفر الحافظ ثنا عليُّ بن حجر ثنا عليُّ بن مُسهر ثنا عبد الله بن عطاء المدينيُّ عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه قال‏:‏ كنت جالسًا عند النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ أتته امرأةٌ فقالت‏:‏ إنِّي تصدَّقت على أمِّي بجارية، وإنَّها ماتت‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏وجب أجرك، وردَّها عليك الميراث‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ يا رسول الله، إنَّه كان عليها صوم شهرٍ، أفأصوم عنها‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏صُومي عنها‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ يا رسول الله، إنَّها لم تحجَّ، أفأحجُّ عنها‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏حجِّي عنها‏"‏‏.‏

رواه مسلمٌ في ‏"‏ الصَّحيح ‏"‏ عن عليِّ بن حُجر، وكذلك رواه جماعة عن عبد الله بن عطاء‏:‏ سفيان الثَّوريُّ وزُهير بن معاوية وعبد الله بن نُمير ومروان الفَزَاريُّ وأبو معاوية وغيرهم، إلا أنَّ بعضهم قال‏:‏ ‏(‏صوم شهرين‏)‏‏.‏

ورواه عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الله بن عطاء عن سليمان بن بُريدة عن أبيه، وقال‏:‏ صوم شهر O‏.‏

واحتجَّ أصحاب الشَّافعي بحديثين‏:‏ 1876- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسلم البطن عن سعيد بن جُبير عن ابن عبَّاس قال‏:‏ أتت النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأةٌ، فقالت‏:‏ يا رسول الله، إنَّ أمِّي ماتت وعليها صوم شهر، فأقضي عنها‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏أرأيت لو كان على أمِّك دَيْنٌ، أما كنت تقفعيه‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فدَيْن الله عزَّ وجلَّ أحقُّ‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

1877- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى ثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمَّد بن جعفر بن الزُّبير عن عروة عن عائشة أنَّها سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن من مات وعليه صيام، فقال‏:‏ ‏"‏يصوم عنه وليُّه‏"‏‏.‏

رواه الدَّارَقُطْنِيُّ من حديث يحيى بن أيُّوب عن عبيد الله بن أبي جعفر، وقال‏:‏ هذا إسنادٌ حسنٌ‏.‏

وقد حمله أصحابنا على ما إذا كان نذرًا‏.‏

ز‏:‏ حديث عائشة‏:‏ رواه عمرو بن الحارث وغيره عن ابن أبي جعفر، وهو مخرَّح في ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏، وذِكْرُه من طريق ابن لهيعة ويحيى بن أيُّوب دون عمرو فيه تقصيرٌ‏.‏

1878- قال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو الوليد الفقيه ثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا هارون بن سعيد الأَيْليُّ ثنا ابن وهب ‏(‏ح‏)‏ وأنا أبو عمرو محمَّد بن عبد الله الأديب أنا أبو بكر الإسماعيليُّ أخبرني أبو يعلى ثنا

أحمد بن عيسى المصريُّ ثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمَّد بن جعفر بن الزُّبير عن عروة عن عائشة أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من مات وعليه صيامٌ، صام عنه وليُّه‏"‏‏.‏

أخرجه البخاريُّ في ‏"‏ الصَّحيح ‏"‏ من حديث موسى بن أعين عن عمرو، ثمَّ قال‏:‏ تابعه ابن وهب عن عمرو‏.‏

‏[‏و‏]‏ رواه مسلمٌ عن هارون ابن سعيد وأحمد بن عيسى، قال البخاريُّ‏:‏ ورواه يحيى بن أيُّوب عن عيسى بن أبي جعفر‏.‏

1879- أخبرناه أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر ابن الحسن القاضي وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو عبد الرَّحمن السُّلميُّ قالوا‏:‏ أنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب ثنا محمَّد بن اسحاق الصَّغانيُّ ثنا عمرو بن الرَّبيع بن طارق أنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمَّد بن جعفر عن عروة بن الزُّبير عن عائشة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من مات وعليه صيام، صام عنه وليُّه‏"‏‏.‏

وقد حمل أصحابنا حديث عائشة وغيره في هذا الباب على صوم النَّذر، لما روي‏:‏ 1880- عن عائشة أنَّها قالت‏:‏ يُطعم عنه في قضاء رمضان ولا يصام‏.‏

قالوا‏:‏ والفرق بين النَّذر وغيره‏:‏ أنَّ النِّيابة تدخل العبادة حسب خِفَّتها، والنَّذر أخفُّ حُكْمًا، لكونه لم يجب بأصل الشَّرع، وإنَّما أوجبه النَّاذر على نفسه O‏.‏